أرامكو توظيف لمواد البناء وطرق التصنيع

05/07/2014 04:10

فلما جاء القرآن حول اتجاه الفكر من الاهتمام بالأمور العملية

 

ومن النظرات المتفرقة إلى البحث النظري والتوصل إلى أحكام كلية والاتجاه في تحصيل المعرفة إلى أنواع من الاستدلال الكبير الذي يوصل إلى العلم بمعناه الحقيقي, وكان ذلك في أهم المسائل التي دار حولها الفكر البشري, واشتمل عليها القرآن.

وقد كان ذلك التفكير والاستدلال بالعقل على صورة ضمنية إجمالية, لكن بلغة الفكر الداخلية التي هي الأصل والمصدر لكل الصيغ اللفظية, وقد تحققت الغاية بحسب قوانين العقل الذي فطره الله عليها ولم يتعلمها من أحد.

ومن يدرس آيات القرآن في تكاملها في كل موضوع على حدة يجد معرفة  متكاملة في كل شيء, وعند ذلك يتبين له كيف تألفت في العقول على عهد الرسول عليه الصلاة والسلام النظرة الكافية في كل موضوع اشتمل عليه التعليم القرآني, ويتبين له أيضا  مدى عمق الإيمان في قلوب أولئك الذين تلقوا دعوة الإسلام وحملوها ومدى شدة حماستهم في الجهاد في سبيل الدعوة.

ثم إنه إذا كان ذلك كله قد تحقق على نحو تلقائي وإجمالي فإن الفكر تقدم بعد ذلك, وفي أثناء تطور الفكر الإسلامي في عصر الانفتاح على الفكر العالمي, ظهرت المفهومات ومعها مصطلحاتها, والمناهج ومعها قواعدها والآراء والمذاهب ومعها أدلتها, وتمثل ذلك التطور في أنواع العلوم الدينية والعقلية, ولا يزال كل شيء في ازدياد من حيث التفصيل, وكذلك لا تزال آيات القرآن تشرق معانيها في العقول مع زيادة المعرفة, وخصوصا في مجال الدراسات الكونية والإنسانية والاجتماعية ارامكو توظيف والحضارية (محمد أبو ريدة, 1992).

يشيد التاريخ بدور العلماء العرب والمسلمين في حمل لواء المنهج العلمي ومواصلة مسيرة البحث التجريبي في العصور الوسطى, التي كانت مظلمة في أوروبا وشهدت انحسار الحركة العلمية عنها. في العصور الوسطى المظلمة كان العرب هم الذين يقومون بمهمة تنفيذ التقاليد العلمية. أما الغرب فقد اكتسبوا منهم إلى حد بعيد ما اكتسبوه من معرفة علمية حازتها العصور الوسطى اللاحقة  وظائف كوم في المملكه العربيه السعوديه مع طرق عمل الكشف الطبي.

لقد ترامت إمبراطوريتهم الناهضة وضمت مراكز الحضارات الأسبق في مصر والعراق والشام وفارس وجيرانها الآسيويين. وحتى الصين التي لم يفتحها العرب ولم يطأها جندي مسلم واحد تكفلت طرق الحرير والقوافل التجارية بنقل تراثها الثقافي الزاخر إلى العرب. وأصبح في متناول أيديهم كل التراث العلمي السابق عليهم تقريبا , في الحضارات الشرقية القديمة والتراث الإغريقي والسكندري, ليتفاعل مع تفتحهم الذهني وتسامحهم العقلي وعوامل شتى في حضارتهم التي كانت دافقة, وعبقريتها من ذوي الملل والأجناس الشتى, فتشكلت أهم مراحل العلم القديم وغايته وقمته بإبداعاتهم الرائعة في شتى فروع العلم.

كان العرب المسلمون أمة جديدة بلا تراث علمي سابق

, فقرأوا التراث الفكري للقدماء بعقول متفتحة بلا خلفيات تعوقهم, ولذلك وقفت الثقافات الإغريقية واللاتينية والهندية والصينية جميعا بالنسبة لهم على قدم المساواة. وكان من نتائج هذه العقلية المتعطشة للمعرفة عند المسلمين أنهم أصبحوا بالفعل المؤسسين الحقيقيين وظيفة لمفهوم العالمية في المعرفة أو وحدة المعرفة الإنسانية. وهي إحدى السمات بالغة الأهمية بالنسبة للعلم الحديث.

العرب في هذا التفتح الواعد لم يرتدوا عن إيمانهم بالله أو تهاونوا في أخذ الدين مأخذ الجد, بيد أن تعصبهم انحسر, وتنامى ارامكو توظيف إحساسهم بمغزى التناسب, فشرعوا في تفهم واستيعاب فضائل النزعة الإنسانية.

ومن هنا انطلقت مرحلة مهمة من مراحل الحضارة ومن مراحل العلم على السواء, تميز العلم فيها عن العلم الغربي الحديث في أن هذا الأخير انفصل انفصالا بائنا عن القيم والأخلاق. أما العلم الإسلامي في الحضارة الإسلامية فقد تأتي في إطار توجههم الأخلاقي المثالي العام. وبينما انطلق العلم الحديث من صراع دام مرير مع الأيديولوجيا السائدة في أوروبا. فإن العلم الإسلامي انطلق من داخل إطار الأيديولوجيا الحاكمة وبرعايتها. إن تمويل الخلفاء السخي للترجمة والبحث العلمي مسألة مذكورة ومشهورة.

وتظل الرياضيات أعلى مدارج العقل العلمي وأرقى أشكال التفكير المنطقي المنظم والمدخل الحق للطرح العلمي. وقد لعب المسلمون دورا كبيرا في تاريخ الرياضيات ومسارات تطورها, وعلى مفترق الطرق بين الحساب والجبر والهندسة.

وبصفة عامة أخذ المسلمون بتصنيف الإغريق للمباحث الرياضية فانقسمت الرياضيات العربية إلى أربعة علوم أساسية هي الحساب والهندسة والفلك والموسيقى, وتتفرع فروعا عدة لا ننسى منها الإنجاز الأكبر وهو الجبر.

أدى اهتمام الإسلاميين بالرياضيات, وإعلاء شأنها إلى تناميها على أيديهم تناميا  يصعب تفسيره فقط بهذه النظرة الداخلية للنسق المعرفي. فثمة عوامل خارجية في الحضارة الإسلامية دفعت إلى هذا, منها اهتمام العرب وأسلافهم العتيق بالتجارة وحساب الأنصبة والأرباح في البضائع والبيوع. وكمثال على مشاكل التجارة العربية التي احتاجت في حلها إلى عقلية رياضية متطورة. ثم نظام المواريث الإسلامي, وأيضا  تعاظم جحافل الجيوش الجرارة وتوزيع رواتبها وغنائمها وحساب نفقاتها, ثم الرخاء الاقتصادي والتراكم المالي الذي تلا تكوين الإمبراطورية الإسلامية, ومشاكل حساب أنظمة الجزية والخراج والضرائب والزكاة. هذا فضلا  عن مشاكل عمليات المساحة وتقسيم الأراضي وتشييد المدن.

أما عن الفلك فسنجد تحديد مواقيت الصلاة والشعائر والأعياد الدينية تدفع الإسلاميين إلى اهتمام مكثف بالفلك, لاسيما وأن البيئة الصحراوية دفعتهم إلى الاعتماد على التقويم القمري بصعوباته في تحديد التواريخ سلفا, وفي الوقت نفسه اهتموا بالتقويم الشمسي في الأمصار الزراعية التي دانت لهم من أجل تحديد أوقات جباية الجزية والضرائب والزكاة وفقا  لمواسم الحصاد. والمحصلة أن المسلمين استطاعوا تطوير علم حساب المثلثات, وتصنيع آلات فلكية لتعيين المواقيت والاتجاهات, وكانت من أدوات اكتشاف الأمريكتين وإثبات كروية الأرض.

ولم تكن التقانة (التكنولوجيا) أقل شأنا, وليس أدل على تجلي روح التقانة العلمية في الحضارة الإسلامية من أن ابن سينا أوضح أن علم الهندسة يتفرع عنه علم المساحة وعلم الحيل المتحركة وعلم جر الأثقال وعلم الأوزان والموازين وعلم الآلات الجزئية وعلم المناظر والمرايا وعلم نقل المياه. وأفاد العرب بأن العالم الإسلامي أكثر انكبابا على البحوث التجريبية ولم يعن كثيرا بصياغة النظريات العلمية العامة أو البحتة, أي أن العلماء العرب كانوا تجريبيين أكثر مما ينبغي. وفي سياق البحوث التجريبية تواترت الإنجازات المعروفة للعلم العربي لا سيما في الطب والجراحة والصيدلة والنبات. أما الكيمياء أو فإن كثيرين من مؤرخي العلم القديم حذوا ابن خلدون وأسموا الكيمياء "علم جابر". وقد كان جابر بن حيان في القرن الثاني الهجري في طليعة الرواد للعملاء المسلمين التجريبيين.

ولا ريب, كان للعلماء العرب والمسلمين دور كبير في تقدم العلوم والتكنولوجيا وتطور الأمم. ونستدل بذلك على قول لأحد علماء العرب بأن العلماء العرب وظائف كويتيه والمسلمين هم الذين مهدوا الطريق المفضى إلى الثورة العلمية في أوروبا إذ عمل هؤلاء على تطوير ومناقشة جوانب عديدة للمنهج التجريبي ليس هذا فحسب, بل وطوروا أيضا الأدوات والآليات الضرورية للوصول إلى أرقى المستويات في العلوم
(يمنى الخولي, 2000).

الخلاصة

تميز الإسلام من خلال القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة بتنمية العقل البشري والتركيز على تشجيع الإنسان ليمارس البحث ويأخذ من التدبر والتفكر والتمعن ديدنا  لحياته, يمحص ما في نفسه ويتساءل عما يحدث حوله للإنسان وللجماد والنبات والحيوان والكون.

كما بين الإسلام الدور الهام لمن يعطي للبشرية وينهل من العلم والمعرفة, ورفع من مكانة العلماء والباحثين وذوي الخبرة (وما ينبئك مثل خبير) فاطر 14, والتخصص في تطور المجتمعات ورقي البشرية.

ولذلك, وانبثاقا من قوله تعالى (علم الإنسان ما لم يعلم) العلق5 يمم المسلون وجوههم شطر العلم والبحث والمعرفة, ونفرت طائفة منهم في شتى بقاع المعمورة لنشر العلوم وتتبع أهل العلم والخبرة في مختلف التخصصات من علوم شرعية ودنيوية, حتى أن المحب للعلم كان يسافر أميالا  ويقطع الفيافي والقفار للتأكد من صحة حديث للنبي صلى الله عليه وسلم أو أن يجتمع مع علماء وباحثين للتزود من علمهم والاقتناء من خبرتهم مؤكدين قوله تعالى (وقل رب زدني علما ) طه114.

ولقد زاد من هذا العطاء اهتمام بعض الحكام وولاة أمر المسلمين بالعلماء الباحثين وحتى المترجمين إذ كان بعض الخلفاء يغدق بسخاء عليهم حتى أن بعضهم كان يعطي لكل مترجم وزن ما يترجمه ذهبا من علوم ومعارف من الحضارات الأخرى.

ولما نزل قوله تعالى (وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ) الإسراء 85 عرف وأيقن العلماء المسلمون بأن العلم والمعرفة بحر لا ينضب وعطاء لا ينفد, وأن عليهم الانكباب على العلم والمعرفة ساعة تلو الآخرى وعدم الاكتفاء بما لديهم من علم ومعرفة.

وهكذا, أخذ العالم كله بمضمون هذه الآية الجليلة حتى نكاد نرى بين فترة وأخرى تقدما وتطورا مذهلا في جميع مناحي الحياة نتج عنه تقدم الإنسان ورقي المجتمعات.

وعلينا أن ندرك معشر الإسلام والعروبة بأن الإسلام هو الدين الذي أرسى المفاهيم الأساسية وحث على التزود من العلم والنهل من المعرفة للتيقن بأن وراء هذا الكون خالق صمد ولخدمة البشرية.

 وقيمة المرء ما قد كان يحسنه                 والجاهلون لأهل العلم أعداء

فقم بعلم ولا تطلب به بدلا                             فالناس موتى وأهل العلم أحياء

الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام